الأربعاء، 27 فبراير 2013
الثلاثاء، 1 يناير 2013
الصكوك الأسلامية وافلاس لنظام الفاشية الاسلامية وهلاك المواطنيين البسطاء
تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول نية
الحكومة المصرية طرح أول إصدار لها من الصكوك الاسلامية في الأسواق
المالية، بين من رأى في ذلك سبيلًا لإنعاش الاقتصاد المصري، وبين من رأى
فيه دليلًا على إفلاس الحكومة.
أعلنت الحكومة المصرية عن نيتها إصدار أول طرح للصكوك الإسلامية في أواخر شباط (فبراير) 2013، بعد الانتهاء من مشروع القانون الذي ينظم إصدارها.
تباينت آراء الخبراء حول جدوى اصدار الصكوك الإسلامية، فالبعض أكد أنها العلاج السحري للأزمات الاقتصادية التي تعانيها مصر، والحل الأمثل لعجز الموازنة، فيما شكك البعض الآخر في قدرتها على إنعاش الاقتصاد لأنها مجرد أداة واحدة من مجمل أدوات الاستثمار، ولن تعيد بمفردها الثقة المفقودة في المنظومة الاقتصادية المصرية.
أمل الاقتصاد
يساهم استخدام الصكوك الإسلامية بشكل كبير في خفض عبء الدين الحكومي، كما أكدت لـ "إيلاف" بسنت فهمي، رئيس مجلس إدارة شركة المشورة للاستشارات المالية. وقالت إن الصكوك الإسلامية تساهم في سد عجز الموازنة، "فهي أداة استثمارية لا تزيد الأعباء مثل أذون الخزانة، لأنها تدر ربحًا، إذ توظف في مشروعات تحقق ربحًا، ما يكون له الأثر الإيجابي على حركة التنمية والاستثمار المباشر".
وأضافت بسنت: "تعد الصكوك بديلًا للانفاق الحكومي، فهي وسيلة جيدة لاستثمار المدخرات، وتمويل مشروعات تنموية ترغب الحكومة في إنشائها مثل المستشفيات والمدارس والطرق والجسور، وهي من أهم آليات انعاش الاقتصاد المصري خلال المرحله المقبلة".
وبحسب بسنت، تختلف الصكوك عن السندات في عدة نقاط هي: "الصكوك مرتبطة بمشروعات محدد، تعزز من الفرص الاقتصادية للدولة، وتقوم على مبدأ المشاركة وليس الاستدانة، ما يعني أن المستثمرين في تلك السندات مستعدون لتحمل مخاطر السوق".
استثمار جذاب
وقال الدكتور حمدي عبد العظيم، الرئيس الأسبق لإكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن الحكومة تصدر الصكوك لزيادة مواردها لمواجهة الاعباء المالية، مشيرًا إلى أن تسميتها بالصكوك الإسلامية يمثل عامل جذب لشرائح كبيرة من المصريين، وإلى أن الحكومة ستنفق أموال هذه الصكوك على سد جزء من العجز في الموازنة العامة للدولة، وعلى تلبية المتطلبات العاجلة، ويوجه جزء منها إلى المشروعات الإنتاجية.
وأوضح عبد العظيم لـ "إيلاف" أن الحكومه تحتاج إلى 11 مليار دولار لمواجهة عجز الموازنة وتدهور الاحتياطي الذي انخفض إلى 14,3 مليار دولار بدلًا من 36 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير.
أضاف: "كانت الحكومة السابقة تعتزم طرح صكوك إسلامية بقيمة تتراوح ما بين 4 و6 مليارات دولار في بداية العام الحالي، لكن تأجل هذا الطرح حتى تولي السلطة حكومة في ظل رئيس منتخب"، لافتًا إلى أن الصكوك صيحة تمويلية جديدة، مبعثها فقه المعاملات في الشريعة الإسلامية، طبقته العديد من الدول العربية، وبلغ إجمالي قيمة الصكوك المصدرة حول العالم زهاء 150 مليار دولار بين العامين 2001 و2009.
دليل إفلاس
من جانبه، قال الدكتور رشاد عبدة، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن مشروع الصكوك دليل على افلاس الحكومة "التي تريد تحصيل الأموال بأي طريقة لسد عجز موازنتها، خصوصًا في ظل الأزمة الطاحنة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، فالحكومة طرحت خلال المدة الماضية أراضٍ للبيع للمصريين في الخارج بالدولار، وطرحت أذون خزانة وسندات للتنميه بالدولار أيضًا".
وأوضح عبدة أن طرح هذه الصكوك سيزيد من حجم المديونية المحلية والاجنبية على الاقتصاد المصري، وعلى عاتق الاجيال القادمة، لأنها مثل أذون وسندات الخزانة، وتختلف عنها في المسميات فقط.
كما أكد على ضرورة اتخاذ خطوات لتصحيح المسار الاقتصادي لمصر، وايجاد مصادر لسد عجز الموازنة تعتمد على زيادة الاستثمارات، والناتج القومي.
وشكك عبدة في وجود اقبال على هذه الوثائق في ظل تراجع ترتيب مصر الائتماني إلى المستوى B.
أعلنت الحكومة المصرية عن نيتها إصدار أول طرح للصكوك الإسلامية في أواخر شباط (فبراير) 2013، بعد الانتهاء من مشروع القانون الذي ينظم إصدارها.
تباينت آراء الخبراء حول جدوى اصدار الصكوك الإسلامية، فالبعض أكد أنها العلاج السحري للأزمات الاقتصادية التي تعانيها مصر، والحل الأمثل لعجز الموازنة، فيما شكك البعض الآخر في قدرتها على إنعاش الاقتصاد لأنها مجرد أداة واحدة من مجمل أدوات الاستثمار، ولن تعيد بمفردها الثقة المفقودة في المنظومة الاقتصادية المصرية.
أمل الاقتصاد
يساهم استخدام الصكوك الإسلامية بشكل كبير في خفض عبء الدين الحكومي، كما أكدت لـ "إيلاف" بسنت فهمي، رئيس مجلس إدارة شركة المشورة للاستشارات المالية. وقالت إن الصكوك الإسلامية تساهم في سد عجز الموازنة، "فهي أداة استثمارية لا تزيد الأعباء مثل أذون الخزانة، لأنها تدر ربحًا، إذ توظف في مشروعات تحقق ربحًا، ما يكون له الأثر الإيجابي على حركة التنمية والاستثمار المباشر".
وأضافت بسنت: "تعد الصكوك بديلًا للانفاق الحكومي، فهي وسيلة جيدة لاستثمار المدخرات، وتمويل مشروعات تنموية ترغب الحكومة في إنشائها مثل المستشفيات والمدارس والطرق والجسور، وهي من أهم آليات انعاش الاقتصاد المصري خلال المرحله المقبلة".
وبحسب بسنت، تختلف الصكوك عن السندات في عدة نقاط هي: "الصكوك مرتبطة بمشروعات محدد، تعزز من الفرص الاقتصادية للدولة، وتقوم على مبدأ المشاركة وليس الاستدانة، ما يعني أن المستثمرين في تلك السندات مستعدون لتحمل مخاطر السوق".
استثمار جذاب
وقال الدكتور حمدي عبد العظيم، الرئيس الأسبق لإكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن الحكومة تصدر الصكوك لزيادة مواردها لمواجهة الاعباء المالية، مشيرًا إلى أن تسميتها بالصكوك الإسلامية يمثل عامل جذب لشرائح كبيرة من المصريين، وإلى أن الحكومة ستنفق أموال هذه الصكوك على سد جزء من العجز في الموازنة العامة للدولة، وعلى تلبية المتطلبات العاجلة، ويوجه جزء منها إلى المشروعات الإنتاجية.
وأوضح عبد العظيم لـ "إيلاف" أن الحكومه تحتاج إلى 11 مليار دولار لمواجهة عجز الموازنة وتدهور الاحتياطي الذي انخفض إلى 14,3 مليار دولار بدلًا من 36 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير.
أضاف: "كانت الحكومة السابقة تعتزم طرح صكوك إسلامية بقيمة تتراوح ما بين 4 و6 مليارات دولار في بداية العام الحالي، لكن تأجل هذا الطرح حتى تولي السلطة حكومة في ظل رئيس منتخب"، لافتًا إلى أن الصكوك صيحة تمويلية جديدة، مبعثها فقه المعاملات في الشريعة الإسلامية، طبقته العديد من الدول العربية، وبلغ إجمالي قيمة الصكوك المصدرة حول العالم زهاء 150 مليار دولار بين العامين 2001 و2009.
دليل إفلاس
من جانبه، قال الدكتور رشاد عبدة، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن مشروع الصكوك دليل على افلاس الحكومة "التي تريد تحصيل الأموال بأي طريقة لسد عجز موازنتها، خصوصًا في ظل الأزمة الطاحنة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، فالحكومة طرحت خلال المدة الماضية أراضٍ للبيع للمصريين في الخارج بالدولار، وطرحت أذون خزانة وسندات للتنميه بالدولار أيضًا".
وأوضح عبدة أن طرح هذه الصكوك سيزيد من حجم المديونية المحلية والاجنبية على الاقتصاد المصري، وعلى عاتق الاجيال القادمة، لأنها مثل أذون وسندات الخزانة، وتختلف عنها في المسميات فقط.
كما أكد على ضرورة اتخاذ خطوات لتصحيح المسار الاقتصادي لمصر، وايجاد مصادر لسد عجز الموازنة تعتمد على زيادة الاستثمارات، والناتج القومي.
وشكك عبدة في وجود اقبال على هذه الوثائق في ظل تراجع ترتيب مصر الائتماني إلى المستوى B.
احتمالية الصراع بين الجبش وجماعة الاخوان المتأسلمين
احتمالات الصراع الحالى
بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإخوان المسلمين
1: بفوز مرشح حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية بالشروط التى أحاطت به يمكن القول إن جدل التعاون والصراع أو التحالف والتناقض بين المجلس الأعلى والإخوان ينتقل إلى مرحلة جديدة. ويفسر هذا الجدل المظاهر المتناقضة التى تتجلى قبل وأثناء وبعد تسليم قمة السلطة التنفيذية للرئيس الجديد. وتحيط بذات الفوز فى الانتخابات شكوك لا نعلم على وجه اليقين مدى حقيقتها: هل كان الفريق أحمد شفيق هو الفائز حقا؟ وهل ذهب الفوز إلى محمد مرسى خشية تصعيد الإسلام السياسى لمليونيته، التى كانت بالفعل فى الميدان، فى حالة عدم فوزه؟ وهل كان هذا التراجع المحتمل من جانب المجلس الأعلى أمام التهديد الإخوانى مشجِّعًا للجرأة الإخوانية عليه بعد ذلك؟ وكانت تغذى تلك الشكوك قرائن قبل إعلان النتائج بدت قرارات وإجراءات احتياطية لمواجهة رد فعل الإسلام السياسى ضد فوز شفيق، منها حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب (مع احتمال حلّ مجلس الشورى والحيلولة دون قيامه بتغيير قيادات المؤسسات الصحفية التابعة للدولة وحلّ الجمعية التأسيسية للدستور) وبتثبيت شفيق فى الترشيح للرئاسة، وقرار الضبطية القضائية، وبالأخص إصدار الإعلان الدستورى المكمل الذى يقضى فيما يتعلق بالفترة السابقة على وضع الدستور وانتخاب الپرلمان الجديد بنقل السلطة التشريعية إلى المجلس الأعلى، وبجعل هذا المجلس دولة داخل الدولة وفوقها، وبالحدّ من سلطات رئيس الجمهورية، وبالتمهيد لحلٍّ محتمل للجمعية التأسيسية للدستور.
2: وسرعان ما أكد رد فعل الإسلام السياسى والرئيس الجديد نفسه وجود خلفية بالغة الحدة من التوتر والخلاف والتصعيد ونوع من التمرد بهدف إلغاء الإعلان الدستورى المكمل وتحرير سلطات الرئيس وإعادة مجلس الشعب المنحلّ وحماية مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور. وعلى خلفية تظاهر واعتصام مليونية الحشد الجماهيرى للإسلام السياسى المتمرد، تردَّدَ مرسى فى القَسَم أمام المحكمة الدستورية العليا تطبيقا للإعلان الدستورى المكمل واضطر إلى القَسَم هناك مع القَسَم الاستعراضى قبله فى ميدان التحرير وبعده فى جامعة القاهرة، كنوع من التمرد على هذا الإعلان وكنوع من التملص منه تمهيدا لمحاولة التحرُّر منه ولتهدئة غضب الإسلام السياسى. وتواصل التصعيد الجماهيرى والإعلامى للإسلام السياسى بعد القَسَم الرئاسى. وفى هذا السياق، أصدر الرئيس قراره بعودة مجلس الشعب المنحلّ مُشْعِلًا حماس الإسلام السياسى المتمرد على المجلس الأعلى والقضاء وبالأخص المحكمة الدستورية العليا، وسط استنكار واسع النطاق من جانب المجلس الأعلى والإعلام الرسمى والمستقل ورجال القانون والقوى السياسية المدنية والثوار لبدء الرئيس الجديد عهده السعيد العتيد بالخروج على القانون والقضاء متمثلا فى قمة السلطة القضائية فى البلاد.
3: ورغم الانعقاد الفعلى للمجلس المنحلّ الذى أحال حكم المحكمة الدستورية إلى محكمة النقض بوصفها المختصة وحدها بالفصل فى صحة العضوية بالمجلس، والتى من المتوقع عدم قبولها لطلب المجلس بوصفه منعدما وغير قائم بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، ورغم استمرار التصعيد الجماهيرى من جانب الجماعة وحزبها، تراجع الرئيس أو تراجع تقريبا (إذا أخذنا فى الاعتبار حديثه عن البحث عن مخرج قانونى من "المشهد" الحالى، وفقا للتعبير الرئاسى)، عن قراره أمام الحكم الجديد للمحكمة الدستورية العليا بوقف تنفيذ قراره. ولا شك فى أن قرار الرئيس الذى كان "ضربة طائشة" ولم يكن "ضربة معلم" كما تصوَّرَ الرئيس والحزب والجماعة، قد أساء إلى الرئيس وحزبه وجماعته وإلى مجلس الشعب، لأن قرار التراجع السريع أثبت أن القرار الأصلى للرئيس كان متهورا وطائشا بعد بداية عهده بأيام قليلة. ولهذا يتواصل غضب وتمرد وتصعيد الإسلام السياسى.
4: ومن الجلىّ أننا إزاء صراع سياسى متوقع تماما بين المجلس الأعلى والإسلام السياسى بقيادة جماعة الإخوان المسلمين وحزبها ورئيسها للجمهورية، وذلك بعد تحالف اضطرارى جمع بين الطرفين منذ الثورة؛ نتيجة من جانب لحاجة هذا المجلس إلى تغطية سياسية جماهيرية يمثلها الإسلام السياسى والإخوان المسلمون على وجه الخصوص لتصفية الثورة، ونتيجة من جانب آخر لتقدير الإخوان المسلمين أنهم أمام فرصة تاريخية للقفز على السلطة. ومن الجلى أيضا أن كل طرف من هذين الطرفين كان عليه أن يدفع ثمنا باهظا للحصول على ميزة سياسية كبرى. وقد اضطر المجلس الأعلى فى سبيل التحالف مع الإخوان ضد الثورة إلى فتح الطريق أمامهم إلى التحول إلى قوة سياسية مشروعة وإلى لاعب سياسى أساسى يسيطر على مجلسىْ الشعب والشورى والجمعية التأسيسية للدستور وأخيرا على منصب رئيس الجمهورية مع الاحتياط على رأس أشياء أخرى بالإعلان الدستورى المكمل. ولا شك فى أن المجلس الأعلى يدرك حقيقة الشهية المفتوحة للإخوان، مضطرا إلى التحالف معهم، ومحتاطا لنفسه بإعلانات دستورية كمكمل قانونى لسيطرته الفعلية، ومستعدا مع ذلك لاحتمال صراع مرير مع الإسلام السياسى كثمن لا مناص من دفعه مقابل دوره "المجيد" فى تصفية الثورة.
5: ويختلف الأمر فيما يتعلق بالإسلام السياسى الذى كان مضطرا إلى التحالف الذيلى مع المجلس الأعلى بالهدف المزدوج المتمثل فى القفز على السلطة السياسية والمشاركة الفعالة فى تصفية الثورة. وكان عليه أن يدفع ثمنا باهظا يتمثل فى خسارة ثقة القوى السياسية والجماهير الشعبية. على أنه استطاع مع ذلك، بفضل استخدام مختلف وسائل تزييف إرادة الشعب بمساعدة المجلس الأعلى، السيطرة على مجلسىْ الپرلمان، والسعى إلى السيطرة على الحكومة، والجمعية التأسيسية للدستور، والصحافة الحكومية، والقفز إلى التربُّع على عرش رئاسة الجمهورية. وبهذا انهمك فى الظاهرة المسماة بالتكويش؛ أىْ السيطرة على مختلف مؤسسات الدولة. ومن الجلىّ أن هذا اتجاه طبيعى وقانونى لكل حزب إذْ يمكن أن يجمع حزب حاكم فى يده بين الأغلبية الپرلمانية، والحكومة، ورئاسة الدولة، غير أن الإسلام السياسى تجاهل الشروط السياسية الملموسة التى تحيط بتحقيق مصلحته الخاصة فتناطح فى سبيل هذا التكويش مع مختلف مؤسسات الدولة دون إجراء حسابات دقيقة لعلاقات القوة بينه وبين مختلف المؤسسات والقوى وفى مقدمتها المجلس الأعلى. وكان من شأن مثل هذا الإمعان فى التكويش أن يؤدى إلى احتمال تجريد الإسلام السياسى من معظم إنْ لم يكن من كل مكاسبه السياسية منذ الثورة.
6: وهنا نجد أنفسنا إزاء صراع سياسى يستخدم وسائل قانونية. وفى سياق تحالف العسكر والإخوان من أجل التصفية التدريجية للثورة، كان لا مناص، إلى جانب العنف الذى بلغ حد تنظيم المذابح مرارا وتكرارا دون التورط فى طريق التصفية العنيفة الحربية للثورة، من تركيز خاص على بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة. وقد جرت وتجرى هذه العملية التشريعية القانونية المضادة للثورة بالتعاون والتحالف بين المجلس والإخوان. ومع استمرار هذه العملية والتعاون العسكرى الإسلامى فى سياقها المنطوى على التنافس، ينشأ بحكم طبيعة الأشياء صراع بين المجلس الأعلى والإسلام السياسى على السلطة. فبعد أن دأب المجلس الأعلى على تفريغ المؤسسات التى سيطر عليها الإسلام السياسى من محتواها وإصابتها بالشلل وإفشالها وحلّها عند الضرورة، كما فعل مع الپرلمان والجمعية التأسيسية الأولى للدستور وأخيرا مؤسسة الرئاسة، يستميت الإسلام الإخوانى فى محاولة تحويل السيطرة الشكلية على مؤسسات أو مناصب إلى سيطرة فعلية. وهنا أيضا يجرى الصراع السياسى على السلطة بوسائل قانونية بحثا عن الشرعية القانونية والدستورية الشكلية.
7: ولا شك فى أن القضاء يغدو الملجأ والملاذ لكل من الطرفين. ولا يمكن بالطبع الحديث فى مصر عن قضاء مستقل، فالسيطرة على القضاء تأتى من جهتين أساسيتين: الأولى هى السيطرة التشريعية المتمثلة فى القوانين التى وضعتها الپرلمانات المصرية المتعاقبة والمراسيم الرئاسية بقوة القانون، والأخرى هى سيطرة السلطة التنفيذية بقيادة رئيس الدولة على السلطتين التشريعية والقضائية، فهى التى تنظم الانتخابات الپرلمانية والرئاسية ومختلف الاستفتاءات بطريقتها الشهيرة بالتزوير بين كل أشكال تزييف إرادة الشعب، وهى التى تصادق فى شخص رأس الدولة على القوانين التى تسنُّها السلطة التشريعية، وتسيطر بالتالى على العملية التشريعية والرقابية، وهى التى تتبعها السلطة القضائية من خلال تعيينات رئيس الدولة ومن خلال التبعية لوزارة العدل على نحو يهدر استقلال القضاء، بالإضافة إلى مختلف أنواع المحاكم العسكرية والاستثنائية ومحاكم أمن الدولة.
8: وفى الصراع السياسى الحالى بين العسكر والإخوان، يستخدم المجلس الأعلى بحكم سيطرته الفعلية على السلطتين التشريعية والتنفيذية القضاء بكل مستوياته. ويساعده على هذا دخول الإخوان فى صراع مكشوف بالغ الحدة والتهور والطيش مع القضاء والإعلام والثورة والشعب والمجتمع كله. وكان القضاة ومنهم قضاة المحكمة الدستورية العليا هم الذين أشرفوا على الانتخابات الپرلمانية المزورة ضد الإخوان فى أواخر عام 2010، أىْ فى عهد مبارك، فقامت بإقصائهم تماما، وأشرفوا على الانتخابات الپرلمانية فى 2011-2012، التى منحت نفس الإخوان والإسلام السياسى أغلبية كاسحة فى مجلسىْ الپرلمان، كما أشرفوا على الانتخابات الرئاسية بجولتيها بكل مفارقاتهما. ومن وجهة نظر الإسلام السياسى تكون الانتخابات أو الإجراءات القضائية مزوَّرة عندما لا تأتى على هواه أما الانتخابات الپرلمانية والرئاسية التى جاءت لصالحه فقد جرى إعلانها انتخابات نزيهة بيضاء لا شية فيها وعُرْسا للديمقراطية. ويتعاقب مدح وهجاء القضاء من جانب الإسلام السياسى على أسس سياسية بحتة مع إلباسها ثوبا قانونيا. وباختصار فإنه لا مجال للدفاع عن قضائنا الذى يتطلع هو ذاته إلى الاستقلال والتطهير، والذى يلجأ إليه المجلس الأعلى فى صراعه السياسى ضد الحليف الإسلامى السابق. غير أن النفاق الإخوانى يتمثل فى مواقف لا يحكمها مبدأ إزاء الأحكام والإجراءات القضائية، وإذا كان الإسلام السياسى نفسه يؤكد من ناحية أن المجلس الأعلى يستخدم القضاء استخداما سياسيا، ويشكك من ناحية أخرى فى شرعية الإعلانات الدستورية المتعاقبة، فمن أين يستمد مجلسا الشعب والشورى شرعيتهما؟! ومن أين يستمد رئيس الجمهورية شرعيته؟!
9: ومن هنا فإن مسألة ما إذا كان حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون "العزل"، وقانون انتخاب مجلس الشعب، وحكمها بالتالى بحلّ مجلس الشعب ثم بوقف قرار الرئيس مرسى بعودة مجلس الشعب، يرجع إلى أسباب قانونية حقيقية أم إلى أسباب سياسية تصطنع لنفسها غطاءً قانونيا، تغدو مسألة بيزنطية فى سياق حالة القضاء فى مصر، وفى غياب معايير قانونية حقيقية فى ظل سيطرة معايير السياسة والمصلحة الخاصة بكل طرف. والحقيقة أن التلاعب بالقانون والقضاء و"مليونيات" المنصة فى مدينة نصر من ناحية المجلس الأعلى واستخدام الضغط الجماهيرى جنبا إلى جنب مع بعض الإجراءات القانونية الدفاعية أو الهجومية من ناحية الإسلام السياسى يمثلان الأداتين الرئيستين للصراع الراهن على السلطة.
10: ويروِّج الإخوان المسلمون دعاوى يبرِّرون بها شرعيتهم. وتقف دعاواهم على عكازين: دورهم فى ثورة يناير، وتضحياتهم قبل ومنذ حركة 1952. ولا حاجة بنا إلى التذكير بدورهم المزدوج فى الأسبوعين السابقين لسقوط مبارك ثم دورهم المتمثل فى التحالف الذيلى ضد الثورة مع المجلس الأعلى منذ ذلك الحين. كما أنه لا حاجة بنا إلى التذكير بأن تضحياتهم المتمثلة فى السجن والاعتقال والتعذيب وغير ذلك طوال العقود لم تكن بسبب النضال فى سبيل استقلال البلاد أو فى سبيل الديمقراطية للشعب بقدر ما كانت بسبب الصراع على السلطة، وهذا أمر لا يستحقون عليه جوائز ومكافآت.
11: وفى هذه اللحظة الخاصة من التعاون فى سياق التناقضات داخل الطبقة الرأسمالية التابعة بين الإسلام السياسى كممثل سياسى لقطاعات منها وبين المجلس الأعلى كممثل سياسى قيادى لقطاعات أخرى حاسمة من نفس الطبقة، تتناقض وتتصادم وتتناطح التاكتيكات والإستراتيچيات والأهداف المباشرة والبعيدة للفرقاء. والصراع حادّ بحكم طبيعة الحالة التى وصل إليها نتيجة رعونة كان من مصلحة الإخوان المسلمين أن يتفادوها لكى لا يخسروا الجلد والسقط، كما يقال. وكان من مصلحة المجلس العسكرى أن يواصل الإسلام السياسى تحالفه الذيلى معه قانعًا بالسيطرة الشكلية على مؤسسات ومناصب فلا يطمع فى أكثر من ذلك، مستمرا فى التحالف ضد الثورة التى يدرك الجميع أنها لم تنته، بحيث يعفيه فى الداخل والخارج من صدام حاد يعكِّر صفو عُرْس الديمقراطية المزعوم، مع تأجيل التخلص من الإسلام السياسى إلى مستقبل بعيد بقدر الإمكان. غير أن الإسلام السياسى ليس طفلا يحبو، وقد أدرك من تجربة الفترة السابقة على الأقل أن القيمة التاريخية الرمزية لوصوله إلى السيطرة على مجلسىْ الشعب والشورى وقفزه على منصب الرئاسة لا تكفى ولا يجوز الصبر عليها لأن تفريغ المؤسسات التى يسيطر عليها من محتواها يهدد بالإطاحة به ذات يوم إنْ لم يبادر هو بتحويل السيطرة الشكلية إلى سيطرة فعلية على المؤسسات الپرلمانية والرئاسية للدولة فى البلاد. ومن المنطقى أن ينطوى هذا على احتمالات الصدام رغم مخاطره على أساس حسابات تؤكد أن المجلس الأعلى لا يمكن أن يتورط فى انقلاب عسكرى مباشر فظ على الإسلام السياسى. غير أن هذا الأخير يخدعه تصوره المغرور عن قوته، هذا التصور الذى ورطه فى الدخول فى صراعات متعددة الأطراف مع مؤسسات الدولة والقوى السياسية المدنية وقوى الثورة. ويمكن أن نفهم فى هذا السياق تحركات وتخبطات رئيس الجمهورية ومجلسىْ الشعب والشورى والجمعية التأسيسية للدستور.
12: ولا يمكن بالطبع أن نتجاهل العامل الأمريكى المفترض فى هذا الصراع. وهناك اعتقاد واسع الرواج حتى بين قيادات ثورية ناضجة نسبيا بأن الولايات المتحدة وأطرافا غربية وعربية أخرى تعمل على المجيء بالإسلام السياسى السنى المعتدل إلى سلطة الدولة فى المنطقة لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: 1: المواجهة السنية لإيران الشيعية وحلفائها وجيوب نفوذها فى المنطقة، و 2: المواجهة الفعالة من موقع إسلامى معتدل للاتجاهات الإسلامية الجهادية، و 3: المواجهة السياسية والأمنية والفكرية للثورة فى مختلف بلدان المنطقة. غير أن هذا التصور لا يعدو أن يكون مبالغة فى تقدير الاتصالات الأمريكية مع أطراف الإسلام السياسى والتصريحات الأمريكية بشأن هذا الأخير. والحقيقة أن الولايات المتحدة، ومعها قوى غربية وعربية، تضع ثقتها فى المجلس الأعلى وتعتمد عليه وليس على الإسلام السياسى، وهى تدرك أن قدرة الإسلام السياسى السنى على مواجهة الإسلام السياسى الشيعى لا يفوق قدرتها هى مع حلفائها على مواجهة إيران، والإسلام السنى ضد الشيعى جاهز على كل حال بعيدا عن السياسة بالمعنى المباشر. كذلك فإن من شأن حكم إسلامى إخوانى أن يزيد من مخاطر الاتجاهات الجهادية وليس أن يقلِّل منها. ورغم الترحيب بدور الإسلام السياسى وتشجيعه ضد قوى الثورة إلى الآن وفى المستقبل فإنه لا يمثل الأداة الرئيسية المتمثلة فى المحل الأول فى المجلس الأعلى والليبرالية اليمينية على المدى الأطول.
13: وتدور فى الوقت الحالى لعبة لىّ الذراع من خلال الضغط الجماهيرى فى ميدان التحرير وقرارات الرئيس ومداولات مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور من ناحية الإسلام السياسى، والضغط الجماهيرى المعاكس فى ميدان المنصة بمدينة نصر وأحكام القضاء المتلاحقة من جانب المجلس العسكرى وأدواته. ومن المحتمل أن تتواصل أحكام القضاء بشأن دعاوى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الدينية. والهدف هو تجريد الإسلام السياسى، إنْ لم يتراجع عن طموحاته بوضوح، من معظم إنْ لم يكن من كل مكاسبه السياسية المؤسسية فى الفترة السابقة. والهدف الذى يلحّ عليه الإسلام السياسى الآن هو إلغاء الإعلان الدستورى المكمل واسترداد سلطات الرئيس والحيلولة دون حل مجلس الشورى وجمعية الدستور ومواجهة دعاوى حلّ جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية. وبحكم قوة هجوم المجلس العسكرى مستخدما الضغط الجماهيرى والقضاء، يكتسب رد فعل الإسلام السياسى بدوره قوة خاصة. ويحتدم صراع لن يوقفه سوى تسوية أو صفقة على حساب الإسلام السياسى على طول الخط لكى يتفادى خسارة كاملة فى غياب قدرته على صدّ الهجوم الشامل المتواصل الذى أطلقه الإخوان المسلمون على غير مقتضيات الحكمة المتوقعة منهم. وهذه التسوية ممكنة فى حالة إدراك الإخوان المسلمين بوضوح أن علاقات القوة لم تعد لصالحهم وأنه لا مناص من أن يحنوا رأسهم للعاصفة بالعودة إلى التعاون الذيلى بلا طموحات واسعة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
14: وهناك تصورات وتوقعات واقتراحات ومطالب إسلامية معاكسة فيما يتعلق بالسلوك السياسى المتوقع للإسلام السياسى فى اللحظة الراهنة. ومن أبرز هذه التوقعات أو المطالب لجوء الرئيس مرسى إلى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وحلّ المحكمة الدستورية العليا، وحلّ المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتشكيل مؤسسات جديدة بدلا منها، اعتمادا على شرعيته الدستورية كرئيس منتخب للجمهورية. غير أن "الشرعية" لا تكفى فى غياب قوة مادية حاسمة على الأرض. وهناك مَنْ يشبِّه موقف مرسى الآن رغم ضعفه بموقف السادات الذى انتصر رغم ضعفه فى صراع مرير ضد مراكز القوى "الناصرية". غير أن الموقفين المذكورين متباعدان حقا، حيث اعتمد السادات على الحرس الجمهورى الذى كان مواليا له فى لحظة الصدام الحاسم. وفى المقابل، يجرى تشبيه الموقف الحالى بالصدام فى 1954 بين مجلس قيادة الثورة والإخوان المسلمين. ومرة أخرى فإن هذا التشبيه أعرج لأن المرونة التى كان يملكها مجلس قيادة الثورة فى التخلص بسهولة من الإخوان المسلمين لا يملكها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث كان السلوك السياسى لمجلس قيادة الثورة يقوم فى ذلك الحين على الشرعية الثورية لانقلاب 1952 العسكرى على حين أن السياق الحالى للتطورات السياسية فى مصر يفرض على المجلس الأعلى سلوكا سياسيا يقوم على استخدام الشرعية الدستورية والقانون. وعلى كل حال فإن هذا المجلس يجمع بين القوة المادية العسكرية وأدوات السلطة القضائية فى سياقٍ ما يزال بعيدا عن استقلال القضاء. ومن جديد تغدو تسوية تقوم على تراجع الإسلام السياسى مخرجا ممكنا ومعقولا من هذا "المشهد"، إذا استعرنا تعبير الرئيس مرسى أو الناطق باسمه.
15: ورغم ما كنا نتوقعه من عدم دفع الإسلام السياسى التطورات إلى صدام غير معروف العواقب إدراكا منه لعلاقات القوة إلا أن صداما قد حدث بالفعل. غير أن التراجع السريع من جانب الرئيس وكذلك إحجامه عن الإقدام على قرارات حاسمة مثل حل مؤسسات كالمجلس الأعلى والمحكمة الدستورية وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل يدلَّان على المزيد من استيعاب حسابات الصدام. والحقيقة أن الإسلام السياسى وجد نفسه فى موقف بالغ الصعوبة حيث يهدد اكتفاؤه بمواقع غير فعالة بسهولة إقصائه فى المستقبل على حين أن الانتصارات المدوية التى أوصلته إلى هذه المواقع تشحن قواعده وحتى قياداته بدوافع لا تُقاوَم ولا تسهُل السيطرة عليها من جانب الرئيس أو الحزب أو الجماعة (رغم كل ما يقال عن المبايعة على السمع والطاعة) للاندفاع إلى السيطرة هنا والآن والضرب على الحديد وهو ساخن. ومهما يكن من شيء فقد اندفعت التطورات إلى "مشهد" لا مناص من البحث عن مخرج منه. ومهما كان من الصعب إقناع الجماهير الإسلامية الغاضبة المندفعة بحسابات قد تكون رادعة للعقلاء من القيادات فإن المخرج الذى يقوم على التراجع من جانب الإسلام السياسى من شأنه أن يأتى بمزيد من إضعاف الإسلام السياسى بالخلافات الداخلية فى صفوفه.
16: ولا يمكن أن نتجاهل موقف قوى وشخصيات سياسية عديدة من الموقف من الإعلان الدستورى المكمل ومن الاستخدام السياسى للقضاء بما فى ذلك المحكمة الدستورية العليا. وقد وجدت هذه القوى والشخصيات نفسها إزاء موقف غريب. ذلك أن القوى الديمقراطية ظلت تعارض السلطات المطلقة الواسعة لرئيس الجمهورية فى الدساتير المصرية المتعاقبة. وفجأة رأينا قوى وشخصيات سياسية عديدة تعارض سحب هذه السلطات من الرئيس الجديد وفقا للإعلان الدستورى الجديد المكمل. ويكمن السبب بالطبع فى أن الكثير من تلك السلطات تم تقليصها عن طريق نقلها إلى المجلس الأعلى. ولأن هذه القوى والشخصيات السياسية تعارض ليس الإسلام السياسى وحده بل كذلك المجلس الأعلى فقد كان من المنطقى رفض تمتُّع هذا المجلس بهذه السلطات. غير أن رفض إسناد السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية إلى المجلس الأعلى ما كان ينبغى أن يدفع إلى إقرارها للرئيس بعد ثورة ضد استبداد رئيس للجمهورية ترسَّخ بالاستناد إلى تلك السلطات. وكان الأجدر بهذه القوى والشخصيات السياسية إنكار هذه السلطات على كلا الطرفين المتصارعين والبحث عن المخرج فى إسنادها إلى هيئة ديمقراطية منتخبة مؤقتة تسلِّم السلطة التنفيذية فى المستقبل لجمهورية پرلمانية حقيقية. وقد عميت هذه القوى والشخصيات السياسية عن البحث عن حلّ ديمقراطى لأنها حصرت خيالها السياسى داخل إطار عملية بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة، بكابوسيها البديلين الجاهزين: المجلس الأعلى والإسلام السياسى.
17: ولهذا ينبغى رفض الإعلان الدستورى المكمل ليس فى إطار منح السلطات الرئاسية المطلقة التى اغتصبها المجلس الأعلى لنفسه للرئيس الجديد بل فى إطار حلّ ديمقراطىّ حقيقى بعيدا عن كامل عملية بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة: الپرلمان، ورئيس الجمهورية، والدستور. والحقيقة أن النظر إلى عملية بناء هذه المؤسسات على أنها قارب نجاة الثورة بدلا من إدراك أنها قارب نجاة الثورة المضادة من "وباء" الثورة يدفع الكثير من القوى والشخصيات السياسية إلى الانخراط فيها وإطلاق الأوهام العريضة حولها واعتبارها مسألة حياة أو موت، الأمر الذى يورِّطها فى فقدان بوصلة ثورية توجِّه اتخاذ المواقف إزاء المجلس الأعلى والإسلام السياسى بوصفهما قوتين سياسيتين معاديتين للثورة، وبالتالى الوقوف فى صف إحدى هاتين القوتين فى مواجهة الأخرى حسب طبيعة القضية المطروحة.
18: ولا ندرى على وجه اليقين أو حتى على وجه التقريب كيف سيكون الخروج من هذا "المشهد". غير أن التداعيات والمخاطر التى ينطوى عليها استمرار واحتدام الصدام من شأنه أن يُجبر الطرفين المعنيين على البحث عن مخرج يحفظ للإسلام السياسى ماء الوجه كحدّ أدنى ودور فى السياسة خاصة فى مواجهة الثورة كحدّ أقصى، بعيدا عن انقلاب شامل لصالحه كما يتوهم أنصاره.
13 يوليو 2012
بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإخوان المسلمين
1: بفوز مرشح حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية بالشروط التى أحاطت به يمكن القول إن جدل التعاون والصراع أو التحالف والتناقض بين المجلس الأعلى والإخوان ينتقل إلى مرحلة جديدة. ويفسر هذا الجدل المظاهر المتناقضة التى تتجلى قبل وأثناء وبعد تسليم قمة السلطة التنفيذية للرئيس الجديد. وتحيط بذات الفوز فى الانتخابات شكوك لا نعلم على وجه اليقين مدى حقيقتها: هل كان الفريق أحمد شفيق هو الفائز حقا؟ وهل ذهب الفوز إلى محمد مرسى خشية تصعيد الإسلام السياسى لمليونيته، التى كانت بالفعل فى الميدان، فى حالة عدم فوزه؟ وهل كان هذا التراجع المحتمل من جانب المجلس الأعلى أمام التهديد الإخوانى مشجِّعًا للجرأة الإخوانية عليه بعد ذلك؟ وكانت تغذى تلك الشكوك قرائن قبل إعلان النتائج بدت قرارات وإجراءات احتياطية لمواجهة رد فعل الإسلام السياسى ضد فوز شفيق، منها حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب (مع احتمال حلّ مجلس الشورى والحيلولة دون قيامه بتغيير قيادات المؤسسات الصحفية التابعة للدولة وحلّ الجمعية التأسيسية للدستور) وبتثبيت شفيق فى الترشيح للرئاسة، وقرار الضبطية القضائية، وبالأخص إصدار الإعلان الدستورى المكمل الذى يقضى فيما يتعلق بالفترة السابقة على وضع الدستور وانتخاب الپرلمان الجديد بنقل السلطة التشريعية إلى المجلس الأعلى، وبجعل هذا المجلس دولة داخل الدولة وفوقها، وبالحدّ من سلطات رئيس الجمهورية، وبالتمهيد لحلٍّ محتمل للجمعية التأسيسية للدستور.
2: وسرعان ما أكد رد فعل الإسلام السياسى والرئيس الجديد نفسه وجود خلفية بالغة الحدة من التوتر والخلاف والتصعيد ونوع من التمرد بهدف إلغاء الإعلان الدستورى المكمل وتحرير سلطات الرئيس وإعادة مجلس الشعب المنحلّ وحماية مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور. وعلى خلفية تظاهر واعتصام مليونية الحشد الجماهيرى للإسلام السياسى المتمرد، تردَّدَ مرسى فى القَسَم أمام المحكمة الدستورية العليا تطبيقا للإعلان الدستورى المكمل واضطر إلى القَسَم هناك مع القَسَم الاستعراضى قبله فى ميدان التحرير وبعده فى جامعة القاهرة، كنوع من التمرد على هذا الإعلان وكنوع من التملص منه تمهيدا لمحاولة التحرُّر منه ولتهدئة غضب الإسلام السياسى. وتواصل التصعيد الجماهيرى والإعلامى للإسلام السياسى بعد القَسَم الرئاسى. وفى هذا السياق، أصدر الرئيس قراره بعودة مجلس الشعب المنحلّ مُشْعِلًا حماس الإسلام السياسى المتمرد على المجلس الأعلى والقضاء وبالأخص المحكمة الدستورية العليا، وسط استنكار واسع النطاق من جانب المجلس الأعلى والإعلام الرسمى والمستقل ورجال القانون والقوى السياسية المدنية والثوار لبدء الرئيس الجديد عهده السعيد العتيد بالخروج على القانون والقضاء متمثلا فى قمة السلطة القضائية فى البلاد.
3: ورغم الانعقاد الفعلى للمجلس المنحلّ الذى أحال حكم المحكمة الدستورية إلى محكمة النقض بوصفها المختصة وحدها بالفصل فى صحة العضوية بالمجلس، والتى من المتوقع عدم قبولها لطلب المجلس بوصفه منعدما وغير قائم بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، ورغم استمرار التصعيد الجماهيرى من جانب الجماعة وحزبها، تراجع الرئيس أو تراجع تقريبا (إذا أخذنا فى الاعتبار حديثه عن البحث عن مخرج قانونى من "المشهد" الحالى، وفقا للتعبير الرئاسى)، عن قراره أمام الحكم الجديد للمحكمة الدستورية العليا بوقف تنفيذ قراره. ولا شك فى أن قرار الرئيس الذى كان "ضربة طائشة" ولم يكن "ضربة معلم" كما تصوَّرَ الرئيس والحزب والجماعة، قد أساء إلى الرئيس وحزبه وجماعته وإلى مجلس الشعب، لأن قرار التراجع السريع أثبت أن القرار الأصلى للرئيس كان متهورا وطائشا بعد بداية عهده بأيام قليلة. ولهذا يتواصل غضب وتمرد وتصعيد الإسلام السياسى.
4: ومن الجلىّ أننا إزاء صراع سياسى متوقع تماما بين المجلس الأعلى والإسلام السياسى بقيادة جماعة الإخوان المسلمين وحزبها ورئيسها للجمهورية، وذلك بعد تحالف اضطرارى جمع بين الطرفين منذ الثورة؛ نتيجة من جانب لحاجة هذا المجلس إلى تغطية سياسية جماهيرية يمثلها الإسلام السياسى والإخوان المسلمون على وجه الخصوص لتصفية الثورة، ونتيجة من جانب آخر لتقدير الإخوان المسلمين أنهم أمام فرصة تاريخية للقفز على السلطة. ومن الجلى أيضا أن كل طرف من هذين الطرفين كان عليه أن يدفع ثمنا باهظا للحصول على ميزة سياسية كبرى. وقد اضطر المجلس الأعلى فى سبيل التحالف مع الإخوان ضد الثورة إلى فتح الطريق أمامهم إلى التحول إلى قوة سياسية مشروعة وإلى لاعب سياسى أساسى يسيطر على مجلسىْ الشعب والشورى والجمعية التأسيسية للدستور وأخيرا على منصب رئيس الجمهورية مع الاحتياط على رأس أشياء أخرى بالإعلان الدستورى المكمل. ولا شك فى أن المجلس الأعلى يدرك حقيقة الشهية المفتوحة للإخوان، مضطرا إلى التحالف معهم، ومحتاطا لنفسه بإعلانات دستورية كمكمل قانونى لسيطرته الفعلية، ومستعدا مع ذلك لاحتمال صراع مرير مع الإسلام السياسى كثمن لا مناص من دفعه مقابل دوره "المجيد" فى تصفية الثورة.
5: ويختلف الأمر فيما يتعلق بالإسلام السياسى الذى كان مضطرا إلى التحالف الذيلى مع المجلس الأعلى بالهدف المزدوج المتمثل فى القفز على السلطة السياسية والمشاركة الفعالة فى تصفية الثورة. وكان عليه أن يدفع ثمنا باهظا يتمثل فى خسارة ثقة القوى السياسية والجماهير الشعبية. على أنه استطاع مع ذلك، بفضل استخدام مختلف وسائل تزييف إرادة الشعب بمساعدة المجلس الأعلى، السيطرة على مجلسىْ الپرلمان، والسعى إلى السيطرة على الحكومة، والجمعية التأسيسية للدستور، والصحافة الحكومية، والقفز إلى التربُّع على عرش رئاسة الجمهورية. وبهذا انهمك فى الظاهرة المسماة بالتكويش؛ أىْ السيطرة على مختلف مؤسسات الدولة. ومن الجلىّ أن هذا اتجاه طبيعى وقانونى لكل حزب إذْ يمكن أن يجمع حزب حاكم فى يده بين الأغلبية الپرلمانية، والحكومة، ورئاسة الدولة، غير أن الإسلام السياسى تجاهل الشروط السياسية الملموسة التى تحيط بتحقيق مصلحته الخاصة فتناطح فى سبيل هذا التكويش مع مختلف مؤسسات الدولة دون إجراء حسابات دقيقة لعلاقات القوة بينه وبين مختلف المؤسسات والقوى وفى مقدمتها المجلس الأعلى. وكان من شأن مثل هذا الإمعان فى التكويش أن يؤدى إلى احتمال تجريد الإسلام السياسى من معظم إنْ لم يكن من كل مكاسبه السياسية منذ الثورة.
6: وهنا نجد أنفسنا إزاء صراع سياسى يستخدم وسائل قانونية. وفى سياق تحالف العسكر والإخوان من أجل التصفية التدريجية للثورة، كان لا مناص، إلى جانب العنف الذى بلغ حد تنظيم المذابح مرارا وتكرارا دون التورط فى طريق التصفية العنيفة الحربية للثورة، من تركيز خاص على بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة. وقد جرت وتجرى هذه العملية التشريعية القانونية المضادة للثورة بالتعاون والتحالف بين المجلس والإخوان. ومع استمرار هذه العملية والتعاون العسكرى الإسلامى فى سياقها المنطوى على التنافس، ينشأ بحكم طبيعة الأشياء صراع بين المجلس الأعلى والإسلام السياسى على السلطة. فبعد أن دأب المجلس الأعلى على تفريغ المؤسسات التى سيطر عليها الإسلام السياسى من محتواها وإصابتها بالشلل وإفشالها وحلّها عند الضرورة، كما فعل مع الپرلمان والجمعية التأسيسية الأولى للدستور وأخيرا مؤسسة الرئاسة، يستميت الإسلام الإخوانى فى محاولة تحويل السيطرة الشكلية على مؤسسات أو مناصب إلى سيطرة فعلية. وهنا أيضا يجرى الصراع السياسى على السلطة بوسائل قانونية بحثا عن الشرعية القانونية والدستورية الشكلية.
7: ولا شك فى أن القضاء يغدو الملجأ والملاذ لكل من الطرفين. ولا يمكن بالطبع الحديث فى مصر عن قضاء مستقل، فالسيطرة على القضاء تأتى من جهتين أساسيتين: الأولى هى السيطرة التشريعية المتمثلة فى القوانين التى وضعتها الپرلمانات المصرية المتعاقبة والمراسيم الرئاسية بقوة القانون، والأخرى هى سيطرة السلطة التنفيذية بقيادة رئيس الدولة على السلطتين التشريعية والقضائية، فهى التى تنظم الانتخابات الپرلمانية والرئاسية ومختلف الاستفتاءات بطريقتها الشهيرة بالتزوير بين كل أشكال تزييف إرادة الشعب، وهى التى تصادق فى شخص رأس الدولة على القوانين التى تسنُّها السلطة التشريعية، وتسيطر بالتالى على العملية التشريعية والرقابية، وهى التى تتبعها السلطة القضائية من خلال تعيينات رئيس الدولة ومن خلال التبعية لوزارة العدل على نحو يهدر استقلال القضاء، بالإضافة إلى مختلف أنواع المحاكم العسكرية والاستثنائية ومحاكم أمن الدولة.
8: وفى الصراع السياسى الحالى بين العسكر والإخوان، يستخدم المجلس الأعلى بحكم سيطرته الفعلية على السلطتين التشريعية والتنفيذية القضاء بكل مستوياته. ويساعده على هذا دخول الإخوان فى صراع مكشوف بالغ الحدة والتهور والطيش مع القضاء والإعلام والثورة والشعب والمجتمع كله. وكان القضاة ومنهم قضاة المحكمة الدستورية العليا هم الذين أشرفوا على الانتخابات الپرلمانية المزورة ضد الإخوان فى أواخر عام 2010، أىْ فى عهد مبارك، فقامت بإقصائهم تماما، وأشرفوا على الانتخابات الپرلمانية فى 2011-2012، التى منحت نفس الإخوان والإسلام السياسى أغلبية كاسحة فى مجلسىْ الپرلمان، كما أشرفوا على الانتخابات الرئاسية بجولتيها بكل مفارقاتهما. ومن وجهة نظر الإسلام السياسى تكون الانتخابات أو الإجراءات القضائية مزوَّرة عندما لا تأتى على هواه أما الانتخابات الپرلمانية والرئاسية التى جاءت لصالحه فقد جرى إعلانها انتخابات نزيهة بيضاء لا شية فيها وعُرْسا للديمقراطية. ويتعاقب مدح وهجاء القضاء من جانب الإسلام السياسى على أسس سياسية بحتة مع إلباسها ثوبا قانونيا. وباختصار فإنه لا مجال للدفاع عن قضائنا الذى يتطلع هو ذاته إلى الاستقلال والتطهير، والذى يلجأ إليه المجلس الأعلى فى صراعه السياسى ضد الحليف الإسلامى السابق. غير أن النفاق الإخوانى يتمثل فى مواقف لا يحكمها مبدأ إزاء الأحكام والإجراءات القضائية، وإذا كان الإسلام السياسى نفسه يؤكد من ناحية أن المجلس الأعلى يستخدم القضاء استخداما سياسيا، ويشكك من ناحية أخرى فى شرعية الإعلانات الدستورية المتعاقبة، فمن أين يستمد مجلسا الشعب والشورى شرعيتهما؟! ومن أين يستمد رئيس الجمهورية شرعيته؟!
9: ومن هنا فإن مسألة ما إذا كان حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون "العزل"، وقانون انتخاب مجلس الشعب، وحكمها بالتالى بحلّ مجلس الشعب ثم بوقف قرار الرئيس مرسى بعودة مجلس الشعب، يرجع إلى أسباب قانونية حقيقية أم إلى أسباب سياسية تصطنع لنفسها غطاءً قانونيا، تغدو مسألة بيزنطية فى سياق حالة القضاء فى مصر، وفى غياب معايير قانونية حقيقية فى ظل سيطرة معايير السياسة والمصلحة الخاصة بكل طرف. والحقيقة أن التلاعب بالقانون والقضاء و"مليونيات" المنصة فى مدينة نصر من ناحية المجلس الأعلى واستخدام الضغط الجماهيرى جنبا إلى جنب مع بعض الإجراءات القانونية الدفاعية أو الهجومية من ناحية الإسلام السياسى يمثلان الأداتين الرئيستين للصراع الراهن على السلطة.
10: ويروِّج الإخوان المسلمون دعاوى يبرِّرون بها شرعيتهم. وتقف دعاواهم على عكازين: دورهم فى ثورة يناير، وتضحياتهم قبل ومنذ حركة 1952. ولا حاجة بنا إلى التذكير بدورهم المزدوج فى الأسبوعين السابقين لسقوط مبارك ثم دورهم المتمثل فى التحالف الذيلى ضد الثورة مع المجلس الأعلى منذ ذلك الحين. كما أنه لا حاجة بنا إلى التذكير بأن تضحياتهم المتمثلة فى السجن والاعتقال والتعذيب وغير ذلك طوال العقود لم تكن بسبب النضال فى سبيل استقلال البلاد أو فى سبيل الديمقراطية للشعب بقدر ما كانت بسبب الصراع على السلطة، وهذا أمر لا يستحقون عليه جوائز ومكافآت.
11: وفى هذه اللحظة الخاصة من التعاون فى سياق التناقضات داخل الطبقة الرأسمالية التابعة بين الإسلام السياسى كممثل سياسى لقطاعات منها وبين المجلس الأعلى كممثل سياسى قيادى لقطاعات أخرى حاسمة من نفس الطبقة، تتناقض وتتصادم وتتناطح التاكتيكات والإستراتيچيات والأهداف المباشرة والبعيدة للفرقاء. والصراع حادّ بحكم طبيعة الحالة التى وصل إليها نتيجة رعونة كان من مصلحة الإخوان المسلمين أن يتفادوها لكى لا يخسروا الجلد والسقط، كما يقال. وكان من مصلحة المجلس العسكرى أن يواصل الإسلام السياسى تحالفه الذيلى معه قانعًا بالسيطرة الشكلية على مؤسسات ومناصب فلا يطمع فى أكثر من ذلك، مستمرا فى التحالف ضد الثورة التى يدرك الجميع أنها لم تنته، بحيث يعفيه فى الداخل والخارج من صدام حاد يعكِّر صفو عُرْس الديمقراطية المزعوم، مع تأجيل التخلص من الإسلام السياسى إلى مستقبل بعيد بقدر الإمكان. غير أن الإسلام السياسى ليس طفلا يحبو، وقد أدرك من تجربة الفترة السابقة على الأقل أن القيمة التاريخية الرمزية لوصوله إلى السيطرة على مجلسىْ الشعب والشورى وقفزه على منصب الرئاسة لا تكفى ولا يجوز الصبر عليها لأن تفريغ المؤسسات التى يسيطر عليها من محتواها يهدد بالإطاحة به ذات يوم إنْ لم يبادر هو بتحويل السيطرة الشكلية إلى سيطرة فعلية على المؤسسات الپرلمانية والرئاسية للدولة فى البلاد. ومن المنطقى أن ينطوى هذا على احتمالات الصدام رغم مخاطره على أساس حسابات تؤكد أن المجلس الأعلى لا يمكن أن يتورط فى انقلاب عسكرى مباشر فظ على الإسلام السياسى. غير أن هذا الأخير يخدعه تصوره المغرور عن قوته، هذا التصور الذى ورطه فى الدخول فى صراعات متعددة الأطراف مع مؤسسات الدولة والقوى السياسية المدنية وقوى الثورة. ويمكن أن نفهم فى هذا السياق تحركات وتخبطات رئيس الجمهورية ومجلسىْ الشعب والشورى والجمعية التأسيسية للدستور.
12: ولا يمكن بالطبع أن نتجاهل العامل الأمريكى المفترض فى هذا الصراع. وهناك اعتقاد واسع الرواج حتى بين قيادات ثورية ناضجة نسبيا بأن الولايات المتحدة وأطرافا غربية وعربية أخرى تعمل على المجيء بالإسلام السياسى السنى المعتدل إلى سلطة الدولة فى المنطقة لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: 1: المواجهة السنية لإيران الشيعية وحلفائها وجيوب نفوذها فى المنطقة، و 2: المواجهة الفعالة من موقع إسلامى معتدل للاتجاهات الإسلامية الجهادية، و 3: المواجهة السياسية والأمنية والفكرية للثورة فى مختلف بلدان المنطقة. غير أن هذا التصور لا يعدو أن يكون مبالغة فى تقدير الاتصالات الأمريكية مع أطراف الإسلام السياسى والتصريحات الأمريكية بشأن هذا الأخير. والحقيقة أن الولايات المتحدة، ومعها قوى غربية وعربية، تضع ثقتها فى المجلس الأعلى وتعتمد عليه وليس على الإسلام السياسى، وهى تدرك أن قدرة الإسلام السياسى السنى على مواجهة الإسلام السياسى الشيعى لا يفوق قدرتها هى مع حلفائها على مواجهة إيران، والإسلام السنى ضد الشيعى جاهز على كل حال بعيدا عن السياسة بالمعنى المباشر. كذلك فإن من شأن حكم إسلامى إخوانى أن يزيد من مخاطر الاتجاهات الجهادية وليس أن يقلِّل منها. ورغم الترحيب بدور الإسلام السياسى وتشجيعه ضد قوى الثورة إلى الآن وفى المستقبل فإنه لا يمثل الأداة الرئيسية المتمثلة فى المحل الأول فى المجلس الأعلى والليبرالية اليمينية على المدى الأطول.
13: وتدور فى الوقت الحالى لعبة لىّ الذراع من خلال الضغط الجماهيرى فى ميدان التحرير وقرارات الرئيس ومداولات مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور من ناحية الإسلام السياسى، والضغط الجماهيرى المعاكس فى ميدان المنصة بمدينة نصر وأحكام القضاء المتلاحقة من جانب المجلس العسكرى وأدواته. ومن المحتمل أن تتواصل أحكام القضاء بشأن دعاوى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الدينية. والهدف هو تجريد الإسلام السياسى، إنْ لم يتراجع عن طموحاته بوضوح، من معظم إنْ لم يكن من كل مكاسبه السياسية المؤسسية فى الفترة السابقة. والهدف الذى يلحّ عليه الإسلام السياسى الآن هو إلغاء الإعلان الدستورى المكمل واسترداد سلطات الرئيس والحيلولة دون حل مجلس الشورى وجمعية الدستور ومواجهة دعاوى حلّ جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية. وبحكم قوة هجوم المجلس العسكرى مستخدما الضغط الجماهيرى والقضاء، يكتسب رد فعل الإسلام السياسى بدوره قوة خاصة. ويحتدم صراع لن يوقفه سوى تسوية أو صفقة على حساب الإسلام السياسى على طول الخط لكى يتفادى خسارة كاملة فى غياب قدرته على صدّ الهجوم الشامل المتواصل الذى أطلقه الإخوان المسلمون على غير مقتضيات الحكمة المتوقعة منهم. وهذه التسوية ممكنة فى حالة إدراك الإخوان المسلمين بوضوح أن علاقات القوة لم تعد لصالحهم وأنه لا مناص من أن يحنوا رأسهم للعاصفة بالعودة إلى التعاون الذيلى بلا طموحات واسعة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
14: وهناك تصورات وتوقعات واقتراحات ومطالب إسلامية معاكسة فيما يتعلق بالسلوك السياسى المتوقع للإسلام السياسى فى اللحظة الراهنة. ومن أبرز هذه التوقعات أو المطالب لجوء الرئيس مرسى إلى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وحلّ المحكمة الدستورية العليا، وحلّ المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتشكيل مؤسسات جديدة بدلا منها، اعتمادا على شرعيته الدستورية كرئيس منتخب للجمهورية. غير أن "الشرعية" لا تكفى فى غياب قوة مادية حاسمة على الأرض. وهناك مَنْ يشبِّه موقف مرسى الآن رغم ضعفه بموقف السادات الذى انتصر رغم ضعفه فى صراع مرير ضد مراكز القوى "الناصرية". غير أن الموقفين المذكورين متباعدان حقا، حيث اعتمد السادات على الحرس الجمهورى الذى كان مواليا له فى لحظة الصدام الحاسم. وفى المقابل، يجرى تشبيه الموقف الحالى بالصدام فى 1954 بين مجلس قيادة الثورة والإخوان المسلمين. ومرة أخرى فإن هذا التشبيه أعرج لأن المرونة التى كان يملكها مجلس قيادة الثورة فى التخلص بسهولة من الإخوان المسلمين لا يملكها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث كان السلوك السياسى لمجلس قيادة الثورة يقوم فى ذلك الحين على الشرعية الثورية لانقلاب 1952 العسكرى على حين أن السياق الحالى للتطورات السياسية فى مصر يفرض على المجلس الأعلى سلوكا سياسيا يقوم على استخدام الشرعية الدستورية والقانون. وعلى كل حال فإن هذا المجلس يجمع بين القوة المادية العسكرية وأدوات السلطة القضائية فى سياقٍ ما يزال بعيدا عن استقلال القضاء. ومن جديد تغدو تسوية تقوم على تراجع الإسلام السياسى مخرجا ممكنا ومعقولا من هذا "المشهد"، إذا استعرنا تعبير الرئيس مرسى أو الناطق باسمه.
15: ورغم ما كنا نتوقعه من عدم دفع الإسلام السياسى التطورات إلى صدام غير معروف العواقب إدراكا منه لعلاقات القوة إلا أن صداما قد حدث بالفعل. غير أن التراجع السريع من جانب الرئيس وكذلك إحجامه عن الإقدام على قرارات حاسمة مثل حل مؤسسات كالمجلس الأعلى والمحكمة الدستورية وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل يدلَّان على المزيد من استيعاب حسابات الصدام. والحقيقة أن الإسلام السياسى وجد نفسه فى موقف بالغ الصعوبة حيث يهدد اكتفاؤه بمواقع غير فعالة بسهولة إقصائه فى المستقبل على حين أن الانتصارات المدوية التى أوصلته إلى هذه المواقع تشحن قواعده وحتى قياداته بدوافع لا تُقاوَم ولا تسهُل السيطرة عليها من جانب الرئيس أو الحزب أو الجماعة (رغم كل ما يقال عن المبايعة على السمع والطاعة) للاندفاع إلى السيطرة هنا والآن والضرب على الحديد وهو ساخن. ومهما يكن من شيء فقد اندفعت التطورات إلى "مشهد" لا مناص من البحث عن مخرج منه. ومهما كان من الصعب إقناع الجماهير الإسلامية الغاضبة المندفعة بحسابات قد تكون رادعة للعقلاء من القيادات فإن المخرج الذى يقوم على التراجع من جانب الإسلام السياسى من شأنه أن يأتى بمزيد من إضعاف الإسلام السياسى بالخلافات الداخلية فى صفوفه.
16: ولا يمكن أن نتجاهل موقف قوى وشخصيات سياسية عديدة من الموقف من الإعلان الدستورى المكمل ومن الاستخدام السياسى للقضاء بما فى ذلك المحكمة الدستورية العليا. وقد وجدت هذه القوى والشخصيات نفسها إزاء موقف غريب. ذلك أن القوى الديمقراطية ظلت تعارض السلطات المطلقة الواسعة لرئيس الجمهورية فى الدساتير المصرية المتعاقبة. وفجأة رأينا قوى وشخصيات سياسية عديدة تعارض سحب هذه السلطات من الرئيس الجديد وفقا للإعلان الدستورى الجديد المكمل. ويكمن السبب بالطبع فى أن الكثير من تلك السلطات تم تقليصها عن طريق نقلها إلى المجلس الأعلى. ولأن هذه القوى والشخصيات السياسية تعارض ليس الإسلام السياسى وحده بل كذلك المجلس الأعلى فقد كان من المنطقى رفض تمتُّع هذا المجلس بهذه السلطات. غير أن رفض إسناد السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية إلى المجلس الأعلى ما كان ينبغى أن يدفع إلى إقرارها للرئيس بعد ثورة ضد استبداد رئيس للجمهورية ترسَّخ بالاستناد إلى تلك السلطات. وكان الأجدر بهذه القوى والشخصيات السياسية إنكار هذه السلطات على كلا الطرفين المتصارعين والبحث عن المخرج فى إسنادها إلى هيئة ديمقراطية منتخبة مؤقتة تسلِّم السلطة التنفيذية فى المستقبل لجمهورية پرلمانية حقيقية. وقد عميت هذه القوى والشخصيات السياسية عن البحث عن حلّ ديمقراطى لأنها حصرت خيالها السياسى داخل إطار عملية بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة، بكابوسيها البديلين الجاهزين: المجلس الأعلى والإسلام السياسى.
17: ولهذا ينبغى رفض الإعلان الدستورى المكمل ليس فى إطار منح السلطات الرئاسية المطلقة التى اغتصبها المجلس الأعلى لنفسه للرئيس الجديد بل فى إطار حلّ ديمقراطىّ حقيقى بعيدا عن كامل عملية بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة: الپرلمان، ورئيس الجمهورية، والدستور. والحقيقة أن النظر إلى عملية بناء هذه المؤسسات على أنها قارب نجاة الثورة بدلا من إدراك أنها قارب نجاة الثورة المضادة من "وباء" الثورة يدفع الكثير من القوى والشخصيات السياسية إلى الانخراط فيها وإطلاق الأوهام العريضة حولها واعتبارها مسألة حياة أو موت، الأمر الذى يورِّطها فى فقدان بوصلة ثورية توجِّه اتخاذ المواقف إزاء المجلس الأعلى والإسلام السياسى بوصفهما قوتين سياسيتين معاديتين للثورة، وبالتالى الوقوف فى صف إحدى هاتين القوتين فى مواجهة الأخرى حسب طبيعة القضية المطروحة.
18: ولا ندرى على وجه اليقين أو حتى على وجه التقريب كيف سيكون الخروج من هذا "المشهد". غير أن التداعيات والمخاطر التى ينطوى عليها استمرار واحتدام الصدام من شأنه أن يُجبر الطرفين المعنيين على البحث عن مخرج يحفظ للإسلام السياسى ماء الوجه كحدّ أدنى ودور فى السياسة خاصة فى مواجهة الثورة كحدّ أقصى، بعيدا عن انقلاب شامل لصالحه كما يتوهم أنصاره.
13 يوليو 2012
الثورة المصرية والغباء السياسى وانقياد وطن الى نفق مظلم
ان بعد قيام الثورة وعند قدوم الانتخابات وخصوصا هى اختيار بين الولة المدنية والدولة الدينية وكان الشعب اجتمع انه لا ينتخب احمد شفيق فقط لمجرد انه من النظام السابق واختاروا الرئيس محمد مرسى متهمين اى حد مدنى من النظام الفاسد انه مثله فى الفساد غير مدركيين ان محمد مرسى ممثل الجماعة وتعصبه الدينى وتصفيه جسدبة للثوار سو يقوم بتصفية جسدية حتى ان يحكم على مقابض الدولة بلا هوادة لصالح من يعمهها الفوضى والمزايدة والانتقام بالايدى والسلاح والقتل اقتل المعارض معى واصفيه معنويا وجسديا وابعت ابث الخيانة والشعور بعدم الثقة والتهديد والخطف اخشى ان نعلق كمعارضة على مشانق الاخوان المجرمون (المتأسلميين )
والان محمد مرسى لديه 6 شهور فى حكم مصر
الديون تتراكم
تردى الحالة الأقتصاديةوافلاس محتوم لمؤسسات الدولة
انفلات امنى وانتشار السرقات وجرائم القتل والسطو المسلح وقتل لأبسط الامور
حرق المدارس مثل الليسيه والجامعة الامريكية فى وسط البلد ومهاجمة المتظاهريين فى الاتحادية المعتصمون لا لتمرير الدستور
التطاول على ابو العز الحريرى وضربه هو وزوجته وتكسير سيارته ووضربى انا فى يوم انضمامى وتصوير انضمام الاستاذ سامح عاشور للقضاء لرفض سلق الدستور وغزى فى يدى وسرقة الكاميرا وهذا فى وضح النهار وضرب مبرح على القدم وكل مليونية يبعتون اليوم السابق للمليونات عربة تطلق نار عشوائى على المعتصميين ويبعتون جواسيساهم ليحرقوا الخيم ويسرقون المعتصمين ويدمرونهم نفسيا ليكرهوا ميدان التحرير
وضربى بجوار بيتى فى مصر الجديدة على ظهرى يوم الهجوم على الثوار فى الاتحادية واحداث فى نزيف انتقلت الى المستشفى هليوبوليس
وحبس وخطف وقتل الصحفى الحسينى ابو ضيف وضرب موظف سابق فى الخارجية المصرية وخلع ملابس للمتظاهريين وتهديدهم وضربهم ضرب مبرح واكل اذن الشاب المصرى الذى هوا من كفر الشيخ ومعتصم والقضاء علي عصب اذنه ومع تمرير الدستور يطلع لدينا خاطبا ان مصر لا تفلس ولن تفلس
تعيين وزارات ونوابهها من الاخوان
والانفلات الامنى وانهيار السياحة المصرية
انخفاض حاد للجنيه المصرى
غلو الاسعار
فرض الضرائب على السلع الغذائية
من انجازات مرسى
ومن أهم سمات المشروع الفاشي تلك البدايات السريعة جدًا
التي تجعل القوى المناوئة له في محل الدفاع ورد الفعل، ومما يساعد الفاشيين
أكثر: ذلك التراث الطويل من العمل السياسي والتنظيمي المرتبط منذ عشرات
السنين بحركة دعوية لم تتوقف يومًا، وبأيديولوجية غائرة الجذور في الوجدان
الشعبي، وبخبرات متراكمة وقدرة هائلة على على التلون والمناورة وحتى الكذب
والنصب، إلى جانب "الصورة" الخادعة التي كونوها لأنفسهم كمضطهدين أتقياء
وشهداء واستشهاديين. أما عن أنهار المال السياسي التي تتمتع بها القوى
الفاشية فلم تعرف لها مصر مثيلاً من قبل.
أضف إلى هذا أننا أمام جماعة لا تزال سرية وتقدر عضويتها بمئات الآلاف، والمتعاطفين معها بالملايين، وهي جماعة لها تراثها الخاص في تكوين التشكيلات المسلحة، وتستطيع أيضًا أن تستعين عند اللزوم بالسلفية الجهادية وبالتنظيم الإخواني الدولي الذي توجد تحت إمرته عصابات مسلحة جيدًا على بعد أمتار من سيناء وداخلها، فضلاً عن فوضى السلاح (بما فيه الثقيل) وانتشاره وسط القبائل والعشائر.
ومن سمات الفاشية اختلاق عدو خارجي أو داخلي متهم بالعمالة للخارج، ولا شك أننا الآن أمام موجة عالية جدًا من التكفير والتخوين لمناوئي المشروع الفاشي، ومطاردتهم بكل السبل بدءًا من التشهير الإعلامي، ومرورًا بالجرجرة أمام القضاء، وانتهاءً بالعنف المباشر.. وفي النهاية ستظل السمة الأهم هي التوجه المتسارع نحو الإقصاء وربما التصفية.
غير أن تطور الأحداث في الأشهر الماضية قد انطوى على جوانب إيجابية كان جديرًا بالقوى الديمقراطية والمدنية أن تلحظها وتهضمها جيدًا حتى لو لم يكن لها فضل في تحققها.
فأولاً : أزيحت من المشهد مؤقتًا ثنائية العسكر والاخوان التي أدخلت القوى الديمقراطية الثورية (خاصة الشبابية) في متاهات وانقسامات، كان سببها الأول عدم توفر الظروف الكافية لبلورة بديل ثالث. المهم أن جماعة الإخوان قد نجحت في تحييد القيادات العسكرية مؤقتًا (وأكرر: مؤقتًا) عن الصراع المباشر على السلطة بعدما منحتهم التطمينات والامتيازات الذاتية المطلوبة، وإن ظلت العلاقات بين الجماعة وبين المؤسسة العسكرية ككل ملتبسة وقلقة. ويراهن الإخوان على الوقت حتى يتمكنوا في المدة البعيد من زرع شبابهم في الكليات العسكرية. والاستنتاج المهم في هذه النقطة أن تحالف اليمين الديني قد أصبح عدوًا واضحًا للكافة. والمطلوب من الجميع أن يدركوا أننا لسنا أمام خصم سياسي عادي، يمكن ممارسة المناورات السياسية معه، أو تحمل رفاهية الاستهتار به.
ثانيًا : نتج عن الإعلان الدستوري الفاشي ثم الدستور المزور والقرارات الاقتصادية الأخيرة أن دخلت الفئات المتوسطة (أو ما يعرف في الأدبيات السياسية الراهنة بحزب "الكنبة") بقوة وزخم غير مسبوقين على خط المواجهة الجماهيرية الساخنة مع جماعة الإخوان والسلفيين، ما شكل مفاجأة صاعقة للأخيرين ودفعهم إلى تقديم بعض "التنازلات" اللحظية والاعتذارات اللفظية..
لقد شعرت جماهير عريضة من الموظفين والمهنيين والبيروقراطيين والمثقفين والبرجوازيين الصغار عامةً بالخطر الوبيل الذي يهدد حرياتهم ونمط حياتهم الشخصي، فنزلوا إلى التظاهرات ليقدموا دليلاً أكبر على أن الإخوان لا يشكلون أغلبية الأمة. ومن حسنات هذا التطور أنه قد عوض نسبيًا غياب الفلاحين عن فعاليات الثورة حتى الآن، الضعف النسبي في مشاركة الطبقة العاملة (كطبقة وليس كنضالات جزئية أو وقتية أو موقعية..) والتفتت والضعف الذي يسم حركة النقابات المستقلة.
ثالثًا : إلى جانب التطور السابق، لوحظ في الشهر الأخير خروج أقباط المصريين من سلبيتهم وتحررهم نسبيًا من سطوة الكنيسة عليهم سياسيًا، فلم يجدوا حرجًا في الدفاع عن وجودهم المهدد فعليًا. أما المرأة المصرية (وخاصة من الفئات المتوسطة وصغيرات السن) فقد دخلت المشهد السياسي بقوة، وشاركت في التظاهرات والإضرابات، ووقفت في طوابير طويلة جدًا لساعات طويلة (وصلت 10 ساعات) من أجل الإدلاء بصوتها في الاستفتاء ومقاومة صور التزوير المختلفة. وكانت هذه مفاجأة استراتيجية أخرى أربكت وأحنقت جماعة الإخوان والسلفيين.
رابعًا : ساعد الإخوان والسلفيين كثيرًا في سرعة سقوط ورقة التوت عن كل الأوهام التي روج لها البعض عن قبول الإخوان والسلفيين بقواعد اللعبة الديمقراطية الليبرالية، فقد كشف الأخيرون مبكرًا عن ولعهم بتغيير كل قواعد اللعبة لصالح تأبيد أنفسهم في مقاعد السلطة والتسلط. وأصبح من الواضح لكل ذي عينين فداحة وهم تداول السلطة مع من يتعاملون مع الديمقراطية كوسيلة فحسب للقفز على السلطة وليس لتداولها بعد ذلك. وقد أدى هذا الانكشاف والكشف إلى تصحيح أفكار كثير من القوى الشبابية التي لم ترَ عدوًا للثورة سوى الفلول، ومن ثم غفلت عن خطر الإخوان والسلفيين. بل إن البعض منهم ارتكب حماقات تاريخية بالتنظير والممارسة العملية للتحالف معهم لفترات لم تطل لحسن الحظ.
خامسًا : أدى تكالب الإخوان والسلفيين على السلطة بمعنييها الضيق والواسع إلى استنفار فئات سبق تصنيفها كـ "فلول" لنظام مبارك، كي تدافع عن مواقعها الأخيرة أو تتفاوض من أجل تحسين شروط إعادة توزيع الثروة والسلطة. ومن أمثلة هذا: مقاومة بعض رجال القضاء والإعلاميين والمؤسسات الدينية الرسمية..الخ. ولا شك أن مقاومة هذه الفئات لا يمكن تصنيفها كمقاومة ثورية جذرية، لكنها في الحقيقة أفادت المواقف الثورية تكتيكيًا، وعلى القوى الثورية أن تكون من الحصافة والمبدئية معًا بما يمكنها من تحقيق أقصى استفادة من تلك المواقف.
مع ذلك تظل هناك قضايا تنتظر الحسم السريع.. لأنها تؤثر سلبًا على قدرة القوى الثورية في المعارك الدائرة والوشيكة.
(1) يمارس الكثيرون نشاطهم الثوري بذهنية أنه لا يمكن الجمع على الإطلاق بين الثورة والإصلاح.. فإما ثورة نقية وإما الخيانة. رغم أنه لا يمكن تبرير الفصل المصطنع بين نضالات وشعارات وطرائق استراتيجية لا يجوز التنازل عنها، وبين معارك وتحالفات تكتيكية وأساليب وأشكال نضال من أجل انتزاع مكاسب ومواقع تساعد على الصعيد الاستراتيجي. ومن المؤكد أنه لا بد من وجود مرونة كافية في نسبة المزج بين هذين المستويين، وهي التي تتوقف على المزاج الجماهيري السائد ودرجة وعي وتنظيم الجماهير الشعبية، وتراعي أيضًا السياقات الإقليمية والدولية.
ووفق هذه الرؤية يمكن ويجب على القوى الثورية أن تتناول مسألة المشاركة في الانتخابات من عدمها، ومسألة مثل جبهة الإنقاذ الوطني..الخ. أعني بقولي هذا أن الثوري قد يضطر في فترة جزر أن يركز على معارك إصلاحية دون التخلي بالطبع عن كفاحه الاستراتيجي (بشعاراته وآلياته) ومن المنطقي على المستوى التكتيكي أن ينتقل سريعًا إلى شعارات وأشكال وأساليب عمل أكثلر اقتحامًا حينما تتوفر الشروط الضرورية لذلك.. وتلك هي الحساسية التي يجب أن يتمتع بها كل ثوري مسئول.
(2) لا يوجد لدى الثوريين تصور واضح لما يمكن عمله لو دخلت مصر في حالة من الفوضى النسبية بسبب التدابير الاقتصادية الانكماشية وتفاقم التضخم والبطالة مثلاً، أو التورط في صراعات إقليمية، وما يمكن أن ينجم عن هذا من صراعات دموية وعودة العسكر إلى صدر المشهد.
(3) يوجد احتمال- مجرد احتمال- لتصاعد صراع بين السلفيين والإخوان، نتيجة رغبة السلفيين مثلاً في الإسراع بفرض الطابع الوهابي على المجتمع المصري، أو ضيقهم من استخدام الإخوان لهم دون دفع الثمن السياسي المناسب لخدماتهم. لا أظن أن أحدًا منا لديه تصور لما يمكن أن نفعله في حالة كهذه، رغم أن الاحتمال كبير خاصة إذا رغبت قوى دولية وإقليمية في إذكاء التنافس بين الجانبين ليصل إلى مرحلة الصراع.
(4) هناك بالطبع تنوع في القوى الثورية وفي مستويات ثوريتها. وفي رأيي أن القوى اليسارية هي الأكثر أهلية للعب دور مستقبلي مهم في الحفاظ على جذوة الثورة، وخاصة فيما يتعلق بإضفاء الطابع الطبقي/ الاجتماعي على أهدافها وقيادتها. غير أنه من غير المقبول أن يدخل اليسار في جبهات واسعة دون أن يكون هناك تحالفه القوي والجماهيري والمنضبط. بل إن الجبهات التكتيكية نفسها ستكون مهددة بالفشل السريع إن لم يكن اليسار قادرًا على لعب هذا الدور.
.......
ختامًا أردت القول إننا أمام عدو طبقي غير عادي.. إنه يريد كل شيء، ويريد إقصاء وإذلال كل من هو خارج صفوفه.. ويمكن أن نسميه مباشرة بالخطر الفاشي..
ومن الصحيح تمامًا القول بأن ثورتنا متعددة الأبعاد (سيادة وطنية- ديمقراطية- تنمية اقتصادية وعدل اجتماعي- تنوير ثقافي) ولا يمكن أن تتطور أو تكتمل بطريقة عرجاء تهمل أحد هذه المحاور أو تضحي به.. لا بد من النضال على المحاور الأربعة.. غير أن الفاشية تشكل تهديدًا وجوديًا.. ولا بد من التصدي لها أولاً.. حتى نفسح الطريق أمام ثورة اجتماعية شاملة.
الفاشية لا يجوز التسامح معها.. يجب ألا تمر أو تُترك تهنأ للحظة واحدة.. لنضعها تحت ضغط متواصل ومتصاعد حتى تُنهك قواها.. حتى إن أقدمت على حماقة العنف والدم يكون هذا من موقع دفاعي متراجع، ومن ثم يصبح أقصر طريق لهزيمتها، وإلا أمست مصر أفغانستان أو باكستان أخرى..
لا إمكانية لوجودنا الثوري، أو وجودنا الحضاري، مع تسلط الفاشية.. فلنكسرها أولاً حتى نتمكن من الاستمرار في ثورتنا.. ولن تستطيع قوة بمفردها أن تفعل هذا أو ذاك.
والان محمد مرسى لديه 6 شهور فى حكم مصر
الديون تتراكم
تردى الحالة الأقتصاديةوافلاس محتوم لمؤسسات الدولة
انفلات امنى وانتشار السرقات وجرائم القتل والسطو المسلح وقتل لأبسط الامور
حرق المدارس مثل الليسيه والجامعة الامريكية فى وسط البلد ومهاجمة المتظاهريين فى الاتحادية المعتصمون لا لتمرير الدستور
التطاول على ابو العز الحريرى وضربه هو وزوجته وتكسير سيارته ووضربى انا فى يوم انضمامى وتصوير انضمام الاستاذ سامح عاشور للقضاء لرفض سلق الدستور وغزى فى يدى وسرقة الكاميرا وهذا فى وضح النهار وضرب مبرح على القدم وكل مليونية يبعتون اليوم السابق للمليونات عربة تطلق نار عشوائى على المعتصميين ويبعتون جواسيساهم ليحرقوا الخيم ويسرقون المعتصمين ويدمرونهم نفسيا ليكرهوا ميدان التحرير
وضربى بجوار بيتى فى مصر الجديدة على ظهرى يوم الهجوم على الثوار فى الاتحادية واحداث فى نزيف انتقلت الى المستشفى هليوبوليس
وحبس وخطف وقتل الصحفى الحسينى ابو ضيف وضرب موظف سابق فى الخارجية المصرية وخلع ملابس للمتظاهريين وتهديدهم وضربهم ضرب مبرح واكل اذن الشاب المصرى الذى هوا من كفر الشيخ ومعتصم والقضاء علي عصب اذنه ومع تمرير الدستور يطلع لدينا خاطبا ان مصر لا تفلس ولن تفلس
تعيين وزارات ونوابهها من الاخوان
والانفلات الامنى وانهيار السياحة المصرية
انخفاض حاد للجنيه المصرى
غلو الاسعار
فرض الضرائب على السلع الغذائية
من انجازات مرسى
ذاد قتل المصرين بعضهم لبعض 100 الف قتيل_ذادت حالات حوادث الطرق200 الف
مصاب _ذادت حالات الطلاق300 الف حاله طلاق _ذاد عدد المجانين المصرين 400
الف مجنون_ذاد عدد العاطلين 500 الف عاطل_ذاد عدد مرضى السكر 600 الف
مريض_ذاد عدد المقدمين على طلب الهجره 700 الف مهاجر_ذاد عددالهاربين من
التعليم الاساسي 800 الف فاشل_ذاد عدد من كفروا بالثوره 900 الف
كافر____
والمفاجئه... اراد مرسى تطبيق شرع الله ولكن بسبب سياساته الفاشله عبر 6
شهور اصبح من انجازاته ان المصرين يوميا يسبون الدين اكثر من مليون مره بل
وهناك من يفكر فى ان يسيب الدين نهائيا...ارحل يا مرسى وليسقط حكم المرشدظللت متحفظًا لفترة أطول من اللازم في استخدام لفظة
"الفاشية" لتعريف موجة اليمين الديني الزاحفة على مصر. كنت ومازلت مقتنعًا
بتاريخية هذا المصطلح ومكانيته وسياقاته كمصطلح مرتبط بالواقع الغربي
والمعارك بين الضواري الاستعمارية ورأسماليات الدولة الاحتكارية ..الخ
ولكني حسمت أمري أخيرًا في أن ما نشهده هو نوع من "فاشية العالم الثالث"
وبالأحرى "فاشية على الطريقة المصرية".
شهور قليلة مضت على تربع
الإخوان المسلمين على عرش مصر بمساعدة كبيرة من التيارات السلفية (الدعوية
منها والجهادية) الأكثر إغراقًا في تخلفها وتعطشها للإكراه والعنف والدم.
بل إن الأفكار والزعامات الوهابية تزحف بقوة هي الأخرى على جماعة الإخوان
نفسها وعلى المؤسسة الدينية الرسمية.
رغم أن شهورًا قليلة مضت على
هذا التطور الخطير، ورغم ما يواجهه الإخوان والسلفيون من مقاومة من
المعارضة السياسية و"المدنية" وبقايا المستفيدين من نظام مبارك الذين لم
ينجح الحكم الجديد في استيعابهم بعد، ورغم المقاومة التي تبديها بعض الأذرع
القضائية بدوافع مختلفة، ورغم عدم اكتمال نجاح الحكم الحالي في تحييد
الجيش تمامًا أو تجنيد الأجهزة الأمنية لخدمة مشروع الدولة الدينية مثلما
خدمت نظام مبارك.. فإن الحكم يسير بخطوات واسعة جدًا أكثر مما كان متوقعًا،
خاصة بعد تنصيب رئيس إخواني وتمرير الدستور، من خلال التمكن من مؤسسات
الدولة والإعلام، والإسراع في سن القوانين المكبلة للحريات، والأخطر من هذا
كله المسارعة بنيل رضا المؤسسات المالية الدولية ومنافقة جماعات الضغط
اليهودية والبيت الأبيض وحتى إسرائيل.
ومن أهم سمات المشروع الفاشي تلك البدايات السريعة جدًا
التي تجعل القوى المناوئة له في محل الدفاع ورد الفعل، ومما يساعد الفاشيين
أكثر: ذلك التراث الطويل من العمل السياسي والتنظيمي المرتبط منذ عشرات
السنين بحركة دعوية لم تتوقف يومًا، وبأيديولوجية غائرة الجذور في الوجدان
الشعبي، وبخبرات متراكمة وقدرة هائلة على على التلون والمناورة وحتى الكذب
والنصب، إلى جانب "الصورة" الخادعة التي كونوها لأنفسهم كمضطهدين أتقياء
وشهداء واستشهاديين. أما عن أنهار المال السياسي التي تتمتع بها القوى
الفاشية فلم تعرف لها مصر مثيلاً من قبل. أضف إلى هذا أننا أمام جماعة لا تزال سرية وتقدر عضويتها بمئات الآلاف، والمتعاطفين معها بالملايين، وهي جماعة لها تراثها الخاص في تكوين التشكيلات المسلحة، وتستطيع أيضًا أن تستعين عند اللزوم بالسلفية الجهادية وبالتنظيم الإخواني الدولي الذي توجد تحت إمرته عصابات مسلحة جيدًا على بعد أمتار من سيناء وداخلها، فضلاً عن فوضى السلاح (بما فيه الثقيل) وانتشاره وسط القبائل والعشائر.
ومن سمات الفاشية اختلاق عدو خارجي أو داخلي متهم بالعمالة للخارج، ولا شك أننا الآن أمام موجة عالية جدًا من التكفير والتخوين لمناوئي المشروع الفاشي، ومطاردتهم بكل السبل بدءًا من التشهير الإعلامي، ومرورًا بالجرجرة أمام القضاء، وانتهاءً بالعنف المباشر.. وفي النهاية ستظل السمة الأهم هي التوجه المتسارع نحو الإقصاء وربما التصفية.
غير أن تطور الأحداث في الأشهر الماضية قد انطوى على جوانب إيجابية كان جديرًا بالقوى الديمقراطية والمدنية أن تلحظها وتهضمها جيدًا حتى لو لم يكن لها فضل في تحققها.
فأولاً : أزيحت من المشهد مؤقتًا ثنائية العسكر والاخوان التي أدخلت القوى الديمقراطية الثورية (خاصة الشبابية) في متاهات وانقسامات، كان سببها الأول عدم توفر الظروف الكافية لبلورة بديل ثالث. المهم أن جماعة الإخوان قد نجحت في تحييد القيادات العسكرية مؤقتًا (وأكرر: مؤقتًا) عن الصراع المباشر على السلطة بعدما منحتهم التطمينات والامتيازات الذاتية المطلوبة، وإن ظلت العلاقات بين الجماعة وبين المؤسسة العسكرية ككل ملتبسة وقلقة. ويراهن الإخوان على الوقت حتى يتمكنوا في المدة البعيد من زرع شبابهم في الكليات العسكرية. والاستنتاج المهم في هذه النقطة أن تحالف اليمين الديني قد أصبح عدوًا واضحًا للكافة. والمطلوب من الجميع أن يدركوا أننا لسنا أمام خصم سياسي عادي، يمكن ممارسة المناورات السياسية معه، أو تحمل رفاهية الاستهتار به.
ثانيًا : نتج عن الإعلان الدستوري الفاشي ثم الدستور المزور والقرارات الاقتصادية الأخيرة أن دخلت الفئات المتوسطة (أو ما يعرف في الأدبيات السياسية الراهنة بحزب "الكنبة") بقوة وزخم غير مسبوقين على خط المواجهة الجماهيرية الساخنة مع جماعة الإخوان والسلفيين، ما شكل مفاجأة صاعقة للأخيرين ودفعهم إلى تقديم بعض "التنازلات" اللحظية والاعتذارات اللفظية..
لقد شعرت جماهير عريضة من الموظفين والمهنيين والبيروقراطيين والمثقفين والبرجوازيين الصغار عامةً بالخطر الوبيل الذي يهدد حرياتهم ونمط حياتهم الشخصي، فنزلوا إلى التظاهرات ليقدموا دليلاً أكبر على أن الإخوان لا يشكلون أغلبية الأمة. ومن حسنات هذا التطور أنه قد عوض نسبيًا غياب الفلاحين عن فعاليات الثورة حتى الآن، الضعف النسبي في مشاركة الطبقة العاملة (كطبقة وليس كنضالات جزئية أو وقتية أو موقعية..) والتفتت والضعف الذي يسم حركة النقابات المستقلة.
ثالثًا : إلى جانب التطور السابق، لوحظ في الشهر الأخير خروج أقباط المصريين من سلبيتهم وتحررهم نسبيًا من سطوة الكنيسة عليهم سياسيًا، فلم يجدوا حرجًا في الدفاع عن وجودهم المهدد فعليًا. أما المرأة المصرية (وخاصة من الفئات المتوسطة وصغيرات السن) فقد دخلت المشهد السياسي بقوة، وشاركت في التظاهرات والإضرابات، ووقفت في طوابير طويلة جدًا لساعات طويلة (وصلت 10 ساعات) من أجل الإدلاء بصوتها في الاستفتاء ومقاومة صور التزوير المختلفة. وكانت هذه مفاجأة استراتيجية أخرى أربكت وأحنقت جماعة الإخوان والسلفيين.
رابعًا : ساعد الإخوان والسلفيين كثيرًا في سرعة سقوط ورقة التوت عن كل الأوهام التي روج لها البعض عن قبول الإخوان والسلفيين بقواعد اللعبة الديمقراطية الليبرالية، فقد كشف الأخيرون مبكرًا عن ولعهم بتغيير كل قواعد اللعبة لصالح تأبيد أنفسهم في مقاعد السلطة والتسلط. وأصبح من الواضح لكل ذي عينين فداحة وهم تداول السلطة مع من يتعاملون مع الديمقراطية كوسيلة فحسب للقفز على السلطة وليس لتداولها بعد ذلك. وقد أدى هذا الانكشاف والكشف إلى تصحيح أفكار كثير من القوى الشبابية التي لم ترَ عدوًا للثورة سوى الفلول، ومن ثم غفلت عن خطر الإخوان والسلفيين. بل إن البعض منهم ارتكب حماقات تاريخية بالتنظير والممارسة العملية للتحالف معهم لفترات لم تطل لحسن الحظ.
خامسًا : أدى تكالب الإخوان والسلفيين على السلطة بمعنييها الضيق والواسع إلى استنفار فئات سبق تصنيفها كـ "فلول" لنظام مبارك، كي تدافع عن مواقعها الأخيرة أو تتفاوض من أجل تحسين شروط إعادة توزيع الثروة والسلطة. ومن أمثلة هذا: مقاومة بعض رجال القضاء والإعلاميين والمؤسسات الدينية الرسمية..الخ. ولا شك أن مقاومة هذه الفئات لا يمكن تصنيفها كمقاومة ثورية جذرية، لكنها في الحقيقة أفادت المواقف الثورية تكتيكيًا، وعلى القوى الثورية أن تكون من الحصافة والمبدئية معًا بما يمكنها من تحقيق أقصى استفادة من تلك المواقف.
مع ذلك تظل هناك قضايا تنتظر الحسم السريع.. لأنها تؤثر سلبًا على قدرة القوى الثورية في المعارك الدائرة والوشيكة.
(1) يمارس الكثيرون نشاطهم الثوري بذهنية أنه لا يمكن الجمع على الإطلاق بين الثورة والإصلاح.. فإما ثورة نقية وإما الخيانة. رغم أنه لا يمكن تبرير الفصل المصطنع بين نضالات وشعارات وطرائق استراتيجية لا يجوز التنازل عنها، وبين معارك وتحالفات تكتيكية وأساليب وأشكال نضال من أجل انتزاع مكاسب ومواقع تساعد على الصعيد الاستراتيجي. ومن المؤكد أنه لا بد من وجود مرونة كافية في نسبة المزج بين هذين المستويين، وهي التي تتوقف على المزاج الجماهيري السائد ودرجة وعي وتنظيم الجماهير الشعبية، وتراعي أيضًا السياقات الإقليمية والدولية.
ووفق هذه الرؤية يمكن ويجب على القوى الثورية أن تتناول مسألة المشاركة في الانتخابات من عدمها، ومسألة مثل جبهة الإنقاذ الوطني..الخ. أعني بقولي هذا أن الثوري قد يضطر في فترة جزر أن يركز على معارك إصلاحية دون التخلي بالطبع عن كفاحه الاستراتيجي (بشعاراته وآلياته) ومن المنطقي على المستوى التكتيكي أن ينتقل سريعًا إلى شعارات وأشكال وأساليب عمل أكثلر اقتحامًا حينما تتوفر الشروط الضرورية لذلك.. وتلك هي الحساسية التي يجب أن يتمتع بها كل ثوري مسئول.
(2) لا يوجد لدى الثوريين تصور واضح لما يمكن عمله لو دخلت مصر في حالة من الفوضى النسبية بسبب التدابير الاقتصادية الانكماشية وتفاقم التضخم والبطالة مثلاً، أو التورط في صراعات إقليمية، وما يمكن أن ينجم عن هذا من صراعات دموية وعودة العسكر إلى صدر المشهد.
(3) يوجد احتمال- مجرد احتمال- لتصاعد صراع بين السلفيين والإخوان، نتيجة رغبة السلفيين مثلاً في الإسراع بفرض الطابع الوهابي على المجتمع المصري، أو ضيقهم من استخدام الإخوان لهم دون دفع الثمن السياسي المناسب لخدماتهم. لا أظن أن أحدًا منا لديه تصور لما يمكن أن نفعله في حالة كهذه، رغم أن الاحتمال كبير خاصة إذا رغبت قوى دولية وإقليمية في إذكاء التنافس بين الجانبين ليصل إلى مرحلة الصراع.
(4) هناك بالطبع تنوع في القوى الثورية وفي مستويات ثوريتها. وفي رأيي أن القوى اليسارية هي الأكثر أهلية للعب دور مستقبلي مهم في الحفاظ على جذوة الثورة، وخاصة فيما يتعلق بإضفاء الطابع الطبقي/ الاجتماعي على أهدافها وقيادتها. غير أنه من غير المقبول أن يدخل اليسار في جبهات واسعة دون أن يكون هناك تحالفه القوي والجماهيري والمنضبط. بل إن الجبهات التكتيكية نفسها ستكون مهددة بالفشل السريع إن لم يكن اليسار قادرًا على لعب هذا الدور.
.......
ختامًا أردت القول إننا أمام عدو طبقي غير عادي.. إنه يريد كل شيء، ويريد إقصاء وإذلال كل من هو خارج صفوفه.. ويمكن أن نسميه مباشرة بالخطر الفاشي..
ومن الصحيح تمامًا القول بأن ثورتنا متعددة الأبعاد (سيادة وطنية- ديمقراطية- تنمية اقتصادية وعدل اجتماعي- تنوير ثقافي) ولا يمكن أن تتطور أو تكتمل بطريقة عرجاء تهمل أحد هذه المحاور أو تضحي به.. لا بد من النضال على المحاور الأربعة.. غير أن الفاشية تشكل تهديدًا وجوديًا.. ولا بد من التصدي لها أولاً.. حتى نفسح الطريق أمام ثورة اجتماعية شاملة.
الفاشية لا يجوز التسامح معها.. يجب ألا تمر أو تُترك تهنأ للحظة واحدة.. لنضعها تحت ضغط متواصل ومتصاعد حتى تُنهك قواها.. حتى إن أقدمت على حماقة العنف والدم يكون هذا من موقع دفاعي متراجع، ومن ثم يصبح أقصر طريق لهزيمتها، وإلا أمست مصر أفغانستان أو باكستان أخرى..
لا إمكانية لوجودنا الثوري، أو وجودنا الحضاري، مع تسلط الفاشية.. فلنكسرها أولاً حتى نتمكن من الاستمرار في ثورتنا.. ولن تستطيع قوة بمفردها أن تفعل هذا أو ذاك.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)